الاثنين، 26 أكتوبر 2009

أمور تحدثُ صدفةً




أظن أنه لا يختلف اثنان على أن الحياة ما فتئت تزداد صعوبة ووعورة وحزناً كلما تراكمت الأيام ودفعت بنا إلى أرذل العمر بسرعة الضوء ، حتى كاد الواحد منا أن يجهل عمره ، أقصد ذلك العمر الذي يتسرب من خلالنا غير أبهين بايجاد طريقة للحد من هذا التسرب المقلق وهذا التهورالذي يتغلل فينا ، كوننا نعاني منذ الأزل من نقص حاد في نسبة الفرح والراحة المخالط لشؤوننا الدنيوية .
أنا لا أثرثر ، ولا أدعو إلى التشاؤم ، ولا أبالغ أيضا في بعض التفاصيل ، ومن أراد أن يتحق مما أدعي ، فما علية إلا أن يلخص يومة على ورقة ، ويبدأ بفرز الامور الايجابية وعلى الناصية المقابلة أن يضع ما هو عكس ذلك ، وليبدأ بالترقيم والعدّ ، ليخرج بنتيجه أقرب الى التشاؤم ، لذا لا أحبذ تلك الفكرة ، وأفضّل أن تبقى حبراً مرسوماً على وجه الصفحة البيضاء ، ومعلومة للعلم فقط .
ثمة تفاصيل كثيرة في حياة الانسان تبعث بالضجر والملل ، والانكى أن يجد الإنسان نفسة واقفاً أمامها مكتوف الأيدي لا يقوى على تغيير الواقع الذي يقبع فيه .
الا أن ما يهون تلك الأمور ويبعث بشيء من الراحة و الاستقرار في داخل الانسان ، أنه ثمة شيء في حياتنا يدعى بــِ .." فسحة من الأمل ، وبصيص من التفاؤل ، وأمور تدعو في أغلبها الى الفرح .
لكن السؤال : من هو الشخص المسؤول أو المتخصص في صنع ذلك الفرح المنشود ؟
البارحة ، تلقيت إتصالا على هاتفي ، رفعت السماعة لإرضاء فضول ذلك المتصل ..
- آلو
- مرحبا / ممكن أحكي مع حمزة تفاحة ، ولفظ إسمي بدون اخطاء ، كالتي تردني من الكثير حين يلفظون إسم عائلتي بقولهم : "تفاح" ؟
كان صوته جميلاً ، وراقني أسلوبه في الكلام ، ففرحت و تصنعت الهدوء ، والسبب هو وإن يكن صاحب ذلك الصوت عذباً ، فأنا أيضا أتقن اللامبالاه أحيانا ! ، لذا تصنعت الركازه .
- أنا حمزة ، من المتكلم ؟
- أنا فلان ، وعرّف على نفسه ..
بدايةً لم أكن أتوقع إتصاله نهائياً ، ولجهلي بأشياء كثيره أيضا ، لم أكن لاعرفة من خلال صوته ..، فصديقي العزيز جداً على قلبي ، صاحب ذلك الطيف الجديد في حياتي ، ما زلت إلى الان أتعثر بتفاصيل وجهه ، وأجهل ملامحه الجميلة ، وأخطئ ذلك البريق الراقد في عينية ..فأحسبه بريقا لنجمة تتلألأ في السماء ، فهل سأحفظ صوته ؟
وأجهني باسئلة كثيرة لا أعتقد بأني قد علقت عليها باجابات كاملة ، كوني كنت متوتراً بعض الشيء .
لكن ما لفت انتباهي في تلك المكالمة ، ذلك المصطلح الذي تمّ استخدامه في تركيبة السؤال المطروح عليَّ من قبله مصطلح لم أسمع به من قبل
- قال : " شو أخباراتك " ..
فهمت مقصد السؤال ، لكني تأملت في هذا التركيب اللغوي ، وفي كيفية استخدامة وتداولة بطريقة سلسة وجميلة؟ ودونته على تلك الصفحة التي كانت ترقد امامي ، حيث كنت أرسم بدخلها خطوط عبثية لا تهتدي الى طريق .
- أجبت : اخباراتي منيحة وكلو تمام ، وهذا ما يدعى بالتأقلم اللغوي ..
فرحت بذلك الاتصال الذي تمّ على عَجل ، فنحن كوننا فقراء نفرح من أقل الأشياء ولأقل الاشياء ، وتلك نعمة جميلة جداً ، أحمدُ الله تعالى عليها .
الان أصبح هناك ما هو جميل ، وجيد ، وعذب في حيز حياتي الضيق ، لذا لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل وخالص الامتنان إلى صديقي الانيق الجميل على هذه " الاستفقادية "، وعلى تلك الصدفة الجميلة ، مثلة تماماً .



حمزة مازن تفاحة
Tuffaha4@yahoo.com

هناك تعليق واحد: