الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

وصية



زمان ، أقصد زمان .. أي قبل أكثر من هزيمة ، زمان قبل أكثر من حزن ، زمان وأنا أقصد ذلك الزمان الجميل .
زمان ، في مرحلة الطفولة ، التي أجبـرنا الفقر على اختصارها، وفعلاً اختصرناها .
أقصد زمان ، عندما كنا ساذجين ، مرتاحين لا نسمع بمنظمة فتح ولا بحركة حماس الملتزمة جدا!، ولم يكن فرضاً علينا أن نحذر من حسن نصر الله كونه شيعياً ،
في ذلك الزمان قبل حفنة من السنوات لا تتجاوزعدد أصابع اليدين ، كانت توزع علينا خرافات ورقية تتحدث عن أن أحد الأولياء الصالحين ألذي كان يبيت قرب ألكعبة المشرفة ، يغلبه النعاس و يدخله في سبات عميق ، ادعى هذا الرجل الصالح انه وعندما كان نائماً جاءه الرسول (صلى الله عليه وسلم) على هيئته الحقيقية وناداه باسمه وأوصاه أن يكتب هذه الرؤيا على ورقة ويوزعها على الناس، وإن كل من فعل مثله وخط هذه الوصية ووزعها على الناس سوف يأتيه الفرج من كربه إن كان مكروباً وسوف ينال رزقاً واسعاً من حيث لا يدري.
وهذا ما حدث أن قام الكثيرون بتكبد مصروف طباعة الوصية الوهمية وتوزيعها على الناس، وهو يُمّني النفس بخير سار، أو رزق واسع يعني (فلوس حبطرش) .
أنا كنت ضمن تلك الزمرة التي تنطلي عليها هكذا "خراريف"، فعندما وصلتني الرسالة وفهمت مضمونها، احتفظت بها في جزداني المهترئ الذي لم يكن يحتوي إلا على رسائل حب لم أتجرأ على إيصالها لوجهتها ، بالإضافة إلى هذه الوصية السحرية المهمة التي علقّت عليها ألأمل بأن تحقيق أحلامي !، وأصبحت أوفر مصروفي كي أقوم بتوزيع أكبر قدر من النسخ حتى تكون المكافأة والرزقة (دبل)، كوني كنت أحدث نفسي بأني سأشتري "بسكليت BMX" .
حتى جاءت النتيجة عكس ما توقعت ،فبعدما قمت بتوزيع عشرات النسخ ببضع ساعات وبينما كنت أمارس هواية "التعربُش" سقطت من على إحدى الشجرات التي كنت أعتليها كل يوم، مما أدى الى إحداث كسر في يدي، وبقيت يدي في الجبيرة مدة (3) أسابيع !.
باختصار ، الآن أنا بصدد عمل مشروع مطابق لفكرة "الوصية" تماماً ...

سأزعم بأني كنت جالساً في مسجد "المرابطين" القريب من بيتنا وجاءني النعاس فجأة، فاسندت ظهري الى الجدار وذهبت في سُبات عميق . وبدأت أحلم فعلاً ، حينها جاءني الشيخ الشهيد أحمد ياسين في الحلم وناداني باسمي وقال :
- يا حمزه...
لم أجبه كوني ما زلت نائماً ، فصاح مرة أخرى بصوت عالٍ :
- انتَ يا زفت، اصحى .
قمت فزعاً ،
- أنا يا شيخ ...
- آه انتَ، ليش في غيرك في المسجد.
- لا ، عفكرة اشتقنالك يا شيخ .
- اسمعني عاد ، بلا اشتقنالك بلا هم ...
- حاضر.
- شوف عليَّ، بما أنك فسّاد وكثير حكي بدي اياك بخدمة.
- تحت أمرك.
- وقام بالقاء ورقة بيضاء يخالطها شيئاً من السواد في وجهي تناولتها وأنا أفرك عيني وأحاول قراءة ما كٌتب فيها، كان مكتو بأحرف واضحة كبيرة "أعلن براءتي من حركة حماس" وخلي أبو العبد يتهنا ..
أدار جسده الطاهر وابتعد ، أخذت أُنادي عليه وأقول يا شيخ ليش هيك ؟ فالتفت إليّ برأسه وقال لي "شي غاد ، الله يقرفك ويقرفهم " ، حينها فقط استطعت أن أدرك لماذا تبدوا صورة الشيخ أحمد ياسين في ذلك البرواز الموجود في غرفتي حزيناً .
****
في الحقيقة ، أتمنى أن يحدث هذا ، أقسم إن صار وحدث بأني سأدخر راتب الشهر كله لطباعة هذه الوصية وتوزيعها على الناس أجمعين.



حــمزة مـــازن تفاحـــة
Tuffaha4@yahoo. com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق